يآنفس إحذرى
إلسـلآم عليكُم ورحمة الله و بركاته
يآ نفس عليك ثلاثة شهود
فأما الشاهد الأول
فهو هذه الأرض التي نمشي عليها ونأكل عليها وننام عليها ونطيع الله عليها ومنا من يعصي الله عليها
هذه الأرض لها يوم ستتحدث فيه وتتكلم فيه بما عملت عليها- يا عبد الله –
سوف يأتي اليوم الذي تفضحك فيه وتكشف أسرارك
ولعلك تقول ما هو الدليل على أن الأرض ستشهد يوم القيامة
فأقول :
يقول الله تعالى ( إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان مالها * يومئذ تحدث أخبارها )
وقوله ( يومئذ تحدث أخبارها)
فسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله
" أتدرون ما أخبارها "
قالوا : الله ورسوله أعلم ،
فقال " فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمه بما عمل على ظهرها ،
تقول : عملت كذا وكذا يوم كذا كذا ، فهذه أخبارها "
رواه الترمذي (3353) وقال حديث حسن.
وأما الشاهد الثاني
فهم الملائكة الذين يكتبون علينا أعمالنا ويسجلون علينا سيئاتنا وحسناتنا
قال تعالى ("وإن عليكم لحافظين* كراماً كاتبين* يعلمون ما تفعلون") .
لأن الملائـكة الكاتبين قد كتبوا أقوالكم وأعمالكم ،
قال تعالى
(" أم يحسبون أن لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ") .
وبعد تلك الكتابة من الملائكة ، يا ترى ماذا سيجري بعد ذلك ؟
عندما تموت سيطوى كتابك
ولكنك سوف تلتقي معه عندما تخرج من قبرك
وسوف تعطى هذا الكتاب الذي كتبته عليك الملائكة في الدنيا
وسوف يأمرك الله جـل وعـــــلا بأن تقرأه عندما تقف بين يديه
قال تعالى (" ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا")
إنها لحظة عجيبة ،
إنها ساعة حرجة عندما يقف العبد حافياً عارياً أمام الجبار جل جلاله
ومع العبد كتاب وهذا الكتاب هو ديوان الحسنات والسئيات
فما هو شعورك يا من كان ليلة في السهر على القنوات ونهاره في النوم عن الصلوات ؟
ما حالك يا عبد الله عندما ترى سيئاتك في ذلك الكتاب ؟
ويا ليت الأمر ينتهي عند مجرد رؤيتك له بل تؤمر بقراءته ..
فماذا ستقرأ وماذا ستجد ؟
ماذا ستقرأ يا شارب الدخان؟
ماذا ستقرأ يا من عق والديه؟
ماذا ستقرأ يا من أهمل تربية أبناءه؟
ماذا ستقرأ يا آكل الربا ؟
قال تعالى (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه)
وأقول لتلك الفتاه التي غفلت عن ربها وأعرضت عن طاعة مولاها ماذا ستجدين في ذلك الكتاب الذي (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الإ أحصاها)؟؟
يا أختاه
ستقرأين أعمالك هناك فماذا ستقرأين ؟
أما لباسك فحرام
أما وقتك فضياع في الآثام .
يا أختاه
الأمر خطير، فمتى ستحذرين؟
أوصيك أن تحفظي هذه الآية:
(" ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحداً").
وأما الشاهد الثالث
فهي الجوارح التي هي من نعم الله علينا: اليدان والقدمان واللسان والعينان والأذنان بل وسائر الجلود...
ستأتي يوم القيامة لتشهد عليك يا عبد الله وستشهد عليك يا أختاه...
إنه مشهد لا مثيل له
يقف العبد أمام ربه
ويبدأ الحساب
ثم تبدأ الجوارح لتكشف الأسرار ولتخبر بالفضائح والجرائم التي فعلتها في أيامك السابقة
" اليوم نختم على أفواههم "
وبعد ذلك ماذا يجري
"وتكلمنا أيديهم ".
وهل يقف الحد عند ذلك ؟
لا
بل " وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون".
فيا حسرتاه ...
عندما تنطق اليدان وتخبر عنك أيها الإنسان وتقول يارب : بيده اشترى المجلات الماجنة
بيده حرك " ريموت" القنوات الفضائية
يارب بيده لمس المرأة الأجنبية
ورفع السماعة لمعاكسات الفتيات
يارب بيده شرب الدخان والشيشة والمخدرات
بيده تعاطى الخمر والمسكرات
وتلك الفتاه ، تنطق يداها ، فما عساها تقول..!! يارب بيدها لبست العباءة الضيقة
وبيدها وضعت المكياج والعطور لكي تمر بها أمام الرجال
إنه يوم الفضائح
وتتكلم القدمان: أنا للحرام ذهبت
وعن الصلاة قعدت
وإلى بلاد الحـرام مشيت....
(" يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية").
وإن الأمر يزداد حرجاً وشدة عندما تنطق سائر الجلود
" حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم سمعهم وأبصارها وجلودهم بما كانوا يعملون"
وكأني بذلك الشاب يقف متعجباً وهو يرى العين تشهد عليه بكل نظرة سيئة
إنه متعجب وهو يسمع شهادة الأذنان بكل أغنية وفاحشة استمع إليها...
وبعد ذلك يحصل الأمر الغريب
يخاطب المرء جوارحه " وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا".
لم يا عين تشهدين؟ !!
لم يا سمع تشهد؟ !!
لم يا قدم تتكلمين ؟ !!
ولكن الجواب أعظم " قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء".
وينتهي ذلك المشهد العجيب...
ولكن يا ترى !! ما حالك هناك ؟
وهل ستكون ممن شهدت له الجوارح بالطاعات؟
أم ستكون ممن تفضحه جوارحه أمام الله خالق الكائنات؟
وأخيراً يا ترى هل بقي أحد يشهد علينا ؟
نعم
إنه الواحد الأحد رب الشهود ، إنه الواحد المعبود،
( أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد )
الذي يراك أينما كنت ويعلم بحالك.
( إن الله لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء) فسبحان العليم بعباده
(" وهو معكم أينما كنتم").
فسبحان الذي لا تخفى عليه خافيه
(" والله يعلم مافي قلوبكم") فسبحان من يعلم مافي الصدور.
والله إن من أكبر أسباب ضعفنا وتقصيرنا هو " الغفلة عن مراقبة الله تعالى"
والإ فلو أن العبد الذي يخلو بذنوبه ، ويبتعد عن الناس لكي لا يروه، لو يعلم ذلك العبد بعلم الله به ورؤيته له لما فعل تلك الفعلة السيئة
ولكنه غفل عن الله ، فتمادى في الشهوات
(" ألم يعلم بأن الله يرى")
وذلك الشاب الذي يعاكس الفتيات لو تذكر وهو في حديثه مع تلك الفتــاه ، لو تذكر هذه الآية (" والله يسمع تحاوركما") لترك المعاكسات والشهوات
إن الواحد منا لو يعلم أن أحداً من الناس علم بذنب من ذنوبه لأصابه الخجل والحياء ، ولكن أين الحياء من الله تعالى ؟
وأقول لتلك الأخت المؤمنة قبل أن تلبس ذلك اللباس المحرم لتفتن الشباب تذكري أن الجبار الذي على العرش استوى يراك ويعلم بما تفعلين ، وهو عليم بذات الصدور.
فإلى كل مؤمن ومؤمنة تذكروا إن من أسماء الله : العليم ، البصير، الشهيد ،الخبير، المحيط ، السميع ، وكلها توجب مراقبة الله في كل حين
فيا من يسافر للعصيان تذكر نظر الواحد المنان؟
ويا من يتمتع بالنظر الحرام ، أنسيت رؤية الملك العلام ؟
ويا من يسهر على الآثام ، إن الله يراك ويعلم بحالك ....فأين ستذهب ؟!!
وأخيراً ، متى نحذر من شهادة الشهود ؟
إن الأمر خطير
ويوم العرض عسير
وهناك تبدو الأسرار
وتنكشف الفضائح .
وأسأل الله لي ولكم التوفيق لكل خير وان نبادر بالتوبة فبابها مفتوح والله يقبل التوبة من العبد مالم يغرغر
، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
منقـُول للأفآدة