يجتاحنا في بعض الأحيان..
حنين كاسح..
وشوق لا حدود له ولا نهاية..
إلى إنسان ما..
إلى إحساس ما..
إلى نمط حياتي ما..
إلى لحظات نادرة عشناها..وسمونا معها فوق كل الآلام..والجراحات..
والأجمل من هذا..
أن نشتاق لما كنا نشكو منه..
أو أن نشتاق لمن أتعبونا في الماضي..
نشتاق لمشاكساتهم..كما نشتاق لنزقهم..وعنادهم..
نشتاق لبعض تصرفاتهم الطفولية..
كما نشتاق لغبائهم..وتفاهتهم أيضاً..
هذا الشوق الجارف لا يحدث إلا في لحظة صفاء..لحظة تأمل..
لحظة تذكّر للأجمل..والأمتع..والأروع..في حياتنا..
وقد نشتاق كذلك..لما أورثنا أشكالاً مختلفة من المعاناة..
فالدنيا..ليست قطعة ثلج..
ليست خالية – في بعض الأحيان - من المرارات..
كما أنها ليست رائعة في كل الأحوال..
بل إن روعتها – في بعض الأوقات - تكون في غرقنا في الهموم..والأحزان..والأزمات..
تلك هي الحياة..
حركة..وشد..وجذب..
دموع..وآهات..وتشنجات..
ولولا تلك السمة فيها لمللناها..
ولولا تلك التوترات..لكانت الحياة (جامدة) الوتيرة..ولكانت راحتنا فيها (باردة)..ولكنّا بدونها كأي (مومياء) محنطة..
لذلك فإنا قد نشتاق إلى تلك اللحظات (المشتعلة)..لتلك الأوقات (الملتهبة)..لتلك الحالات (العاصفة) والمحمومة..
نحتاج إليها..حتى نُخرج حياتنا من حالة الرتابة..
ونحتاج إليها..حتى نُحس بطعم الدنيا..
نحتاج إليها كي ننسى أنفسنا..ونداوي كل جروح الماضي..وأهواله..
ننسى كل العالم..كل الدنيا..
بعد أن تطفئ في داخلنا كلمة (آسف)..كل النيران المتقدة..
كل الأحزان المستعرة..
كل الثورة الجارفة..
كل الإحساس الموجوع..
كل الإحساس القاتل بالطعنات المسعورة..
ونعود إلى إنسانيتنا ثانية..
كالطفل الساذج..
يجري خلف اللعبة..
خلف الحلوى المسمومة..بكل فرح الدنيا..وعذوبتها..
( لولا النسيان..لماتت القلوب